عالم الحيوانات والزواحفقسم يختص بالحيوانات وكل ما يتعلق بها وما يتعلق بالزواحف,دراسات ومعلومات وابحاث عن الحيوانات البريه والزواحف والحيوانات الاليفة والمتوحشة عالم الزواحف التماسيح والسلاحف والمنقرضه منها والتعرف علي طرق معيشتها واكلها وكل ماتريد معرفته.
سفينة الصحراء هو الاسم الذي يطلقه البعض على "الجمل" هذا الحيوان الضخم الأليف الذي يقطع المسافات الطويلة دون كلل أو ملل، والداعي إلى الحديث عنه الآن يعود إلى تلك الإشاعة التي تناقلتها وكالات الأنباء، ونشرتها كل وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وربطت بين الجمال والمرض المسمى (كورونا) وهي إشاعة قد تؤدي إلى إبادة ما تبقى من هذا الحيوان الذي ارتبط اسمه بالعرب، وصحراء العرب، وتاريخ العرب. والجِمَال أنواع منها السريع الذلول، والبطيء حامل الأثقال، ومنها الأبيض والأحمر والأسود والأصفر، وهي ألوان البشر الذين تتوزعهم المناخات المختلفة على وجه هذه الأرض، وبالرغم من أن موطن نشأة هذا النوع من الحيوانات –كما يقال- هو أواسط آسيا إلاَّ أن وجوده اللافت وتناميه تَمّ في الوطن العربي وفي الشرق منه خاصة حيث لم يكن توجد أسرة إلاّ والجِمال جزءاً من حياتها الزراعية والاجتماعية.
وأتذكر أنني نشأت في منزل كان الدور الأسفل منه للحيوانات. وكان يضم ثلاثة جِمال وبقرتين وثور وحمار، وإلى جوار هذه الحيوانات كانت توجد الآليات التقليدية التي يستخدمها المزارعون في الحرث والحصاد. كما كانت جدتي لأمي رحمها الله، وهي صاحبة هذا البيت، تنزل إلى الدور الذي تسكنه الحيوانات لتحلب البقرتين، وكنت في طفولتي أرافقها في تلك المهمة بعد أن كانت تنير المكان بذبالة من القطن مغموسة في السمن البلدي. وكان يشدني منظر الجِمال وهي في حالة سكون بعد عناء يومي، وكان أصغرها سناً أحب إلى نفسي وإلى نفوس بقية أطفال الأسرة. كنا نصعد فوقه ونشعر أنه يرغب في أن يلعب معنا ويحرك رأسه يمنيناً وشمالاً ونحن نعبث بأذنيه وأنفه وذيله. ولا أخفي أنني فزعت عندما رأيت الجِمال لأول مرة؛ أفزعتني ضخامتها وشكلها ولم أكن أدري أن الجِمال على هذه الدرجة من الوداعة والطيبة والصبر.
ما أرجوه وأتمناه أن لا تَصْدُق الإشاعة المشار إليها، وإذا ما صَدقت فأتمنى أن لا ترافقها مذبحة إبادة للجِمال كما حدث في بعض الأقطار العربية للطيور الداجنة، واتضح فيما بعد أنها بريئة، وأن البيئة الفاسدة المثقلة بعوادم السيارات وفضلات المخلفات وغياب العناية بالنظافة هي وراء كل الأمراض التي تعتري الإنسان وتهدد حياته. وكنت قرأت في أوقات سابقة عن حقد دفين تكنّه بعض الجهات المعادية للعرب تجاه الجِمال بوصفها وسائل النقل الأوسع إلى جانب الخيول التي حملت فرسان مشاعل النور والحضارة في بداية الفتوحات الإسلامية وإلى ما بعد ذلك بقرون. ولذلك فلا يمكن استبعاد أن تكون هذه الجهات وراء إشاعة العلاقة بين مرض كورونا والجِمال للخلاص من هذا الحيوان الأليف. يضاف إلى ذلك أن العرب أنفسهم أصدقاء هذه السفينة الصحراوية، والمدينين لها بالكثير، هُم الذين بدأوا في التخلص منها بعد ما سكنوا القصور وتملكوا العربات الفارهة ولم تعد تربطهم بهذا الحيوان المسكين رابطة المصلحة المشتركة!
إنني حزين، حزين جداً على ما آل، وسيئول إليه، حال هذا الحيوان الطيب الذكي الصبور، وما ينتظره من انقراض سواءً بفعل هذا الإشاعة أو بعيداً عنها. وكم كان وما يزال يسعدني متابعة تلك المهرجانات التي تقام في بعض الدول العربية، ومنها الإمارات العربية خاصة، وما يرافق تلك المهرجانات من اعتزاز بسفينة الصحراء، ومن حرص على أن يبقى لها وجودها المعاصر انطلاقاً من حقها في الحياة وتقديراً لدورها التاريخي واحتراماً للألفة التي ربطت بين هذا الحيوان والإنسان، فضلاً عما تغدقه عليهم من ألبان ولحوم، وسيظل الإنسان العربي أحوج ما يكون إليها في الظروف الراهنة وفي الظروف القادمة التي قد تكون أقسى مما يتصوره المتشائمون، وتعبّر عنه الدراسات المستقبلية القائمة على التحليل العلمي والأرقام الدقيقة.