حينما تأملت في قول الله عز وجل " مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان" وقع في قلبي أن هذه الآية تعلمنا فنا عظيما من فنون إدارة المشاعر وإدارة الذات، وتخبرنا بقاعدة من قواعد الحفاظ على الحياة الزوجية. والحفاظ على الذات.
بحثت عن هذا الأمر ووجدت أن هناك بعض المجاري المائية التي تلتقي مع بعضها البعض ولكنها لاتمتزج ولا يبغي أحدهما على الآخر.
ابحثوا إن شئتم عن هذه الأنهار والبحار وتأملوا في عجيب خلق الله!!
تأملوا كيف يلتقي مجريان مائيان عظيمان ولكنهما لا يمتزجان، ربما لاختلاف درجة حرارتهما، أواختلاف سرعة كل منهما، أواختلاف طبيعتهما كما يقول العلماء.
هذا ما يحدث في الطبيعة فلماذا يصر بعض شركاء الحياة على أن الحياة الزوجية تمازج وذوبان طرف في الآخر وإن لم يحدث ذلك يتهم الشريك شريكه بعدم الحب والتقدير وعدم الاهتمام؟!
انتبها أيها الشركاء في رحلة الحياة وتذكرا أنكما نهران كبيران، لكل منكما نوع عطائه، ولكل منكما خصائصه، ولكل منكما تفكيره ومشاعره، ولكل منكما رؤيته للحياة فليحترم كل منكما تفرد الآخر وخصوصيته حتى تعيشا في سلام وتسعدا.
تقابلا بكل حب ولكن تذكرا أنَّه ليس من الحكمة أن يذوب أحدكما في الآخر تحت مسمى الحب، وليس من الصحة النفسية والزوجية أن تنعدم شخصية أحدكما تجاه شريك حياته من أجل الحب.
الذوبان في الآخر سم بطئ يدمر الحياة الزوجية، ويقتل أجمل ما فيها، ويُعرِّض الطرفين لضغوط نفسية هائلة، ويعرض الحياة الزوجية لزلازل مدمرة؛ لذلك تدربا على الالتقاء بحب وفي حب، واحذرا أن تمتزجا فيتحول الحب إلى بغض.
تذكرا أن الحب الصحي ليس من سماته الذوبان في الآخرين ولكن من سماته الالتقاء مع الاحتفاظ بخصائصك..الالتقاء دون تصادم ودون تنافر.
الالتقاء مع وجود خط خفي لا يُلمح لاحتفاظ كل منكما بكينونته، خط خفي غير مرئي لا يسبب لكما الشعور بالغربة والانعزال عن بعضكما البعض.
التقيا وتقابلا واحذرا أن تذوبا أو تتصادما لتعيشا معا في هناء ولتسعدا.